كلمة رئيس المكتب التنفيذي

بابكر فيصل

كلمة رئيس المكتب التنفيذي

خلقت ثورة ديسمبر المجيدة واقعا وآفاقا جديدة لمستقبل السودان، فحالة المخاض التي تمر بها بلادنا والاضطراب السياسي المصاحب لعملية إزالة مخلفات التركة الثقيلة لنظام الإنقاذ تمثل التجلي الأعلى للأزمة الوطنية الموروثة منذ الإستقلال. ونحن نواجه هذه التحديات بيقينٍ تام بأن ثورتنا المتسمة بالعزيمة والأمل ستبلغ غاياتها. فمثلما علمتنا التجارب الانسانية السابقة وتاريخ الثورات، تتسم المراحل التي تعقب ذهاب الأنظمة التي ثارت عليها شعوبها بالتعقيد وتشهد فترات من المد والجذر قد تستمر لسنوات بل عقود بحسب طبيعة التحديات إلى أن تصل هذه الشعوب إلى بر الاستقرار والازدهار.
ولذلك تقع على كاهل كافة القوى الثورية مسؤولية كبرى ومهمة جسيمة في العمل على علاج تلك المشاكل ومنع وقوع الردة عن الأهداف والشعارات التى قامت من أجلها الثورة، وهى الردة التي تعمل لها القوى المضادة للثورة بمختلف تكويناتها السياسية والإجتماعية، والتي ما لبثت تقاوم الوصول لسودانٍ ينعم بالحرية والسلام والعدالة والحكم المدني الديمقراطي. ولذلك فإننا في التجمع الاتحادي نؤمن أن وحدة الهدف وإن إختلفت وسائل الوصول إليه تمثل أهمية قصوى لقطع الطريق أمام القوى المضادة لنصل لأهداف الثورة المنشودة.
ومن جانب آخر فنحن نعلم بأن الأحزاب السياسية، من بين جميع قوى الثورة، يجب أن تضطلع بمهام عديدة يتمثل أهمها في السعي لتوحيد القوى الثورية وطرح الرؤى والأفكار والخطط التي تنفذ لقراءة الواقع السياسي بصورة شاملة، وبحيث تمنع الإتجاهات الداعية للعودة للماضي، وفي ذات الوقت تتعامل مع الواقع برؤية عميقة تأخذ في الإعتبار كل التطورات السياسية والإجتماعية والإقتصادية المرتبطة بمسار الثورة ومستقبل الوطن.
وخلال مسيرتها الهادفة لإنجاز مهام الثورة ووضع الأساس للتحول المدني الديمقراطي، فإن الأحزاب السياسية تواجه تحدياً كبيراً يتمثل في ضرورة ترسيخ الممارسة الديمقراطية الداخلية، بإعتبارها الأساس السليم لتعزيز العملية الديمقراطية على الصعيد العام، وأيضاً بإعتبار أن الأحزاب تمثل الاداة الأهم والأكثر فاعلية في تثبيت أركان النظام الديمقراطي.
في هذا الإطار، فإن التجمع الإتحادي يعمل على مواجهة هذا التحدي بإصلاح وتجويد العمل الحزبي والإنفتاح على المجتمع السوداني بمختلف مكوناته، من أجل تركيز تعزيز البناء التنظيمي من القواعد الجماهيرية وصولاً للمؤتمر العام الذي أضحى الهدف الأسمى والغاية الحتمية التي يتوجب توحيد كافة الجهود من إنجازها في أقرب وقت ممكن.   
وعلى الرغم من تعدد التحديات وتشابكها على الصعيد الوطني، فإننا في التجمع الاتحادي نرى أن ذلك لا يجب أن يقف عائقاً في وجه العمل الحزبي الداخلي الهادف لتجويد الأداء والمشاركة الواسعة في إتخاذ القرار وتداول السلطة الحزبية بالطرق الديمقراطية، إذ يتوجب التوفيق بين المسارين الوطني والحزبي حتى يتكامل العمل بينهما ولا يتناقض. ذلك أن التضارب والتعارض بين الإتجاهين ستكون نتيجته في المحصلة النهائية هي تعطيل وإفشال تحقيق أهداف ثورة ديسمبر المجيدة. ولذلك فإن مشروعنا في التجمع الاتحادي في البناء الداخلي من القواعد لحزب برامجي مؤسسي ديمقراطي وإعلاء الممارسة السياسية وإصلاح النادي السياسي هو طريقنا لإرساء عملية التحول المدني الديمقراطي في السودان، والسبيل الذي سيحقق آمالنا وطموحاتنا في الحرية والسلام والعدالة والتنمية المستدامة والعيش الكريم.
 
                                                                                                                                                                                                                                     بابكر فيصل بابكر
                                                                                                                                                                                                                                          فبراير2023 م
arArabic